المالكي .. والسجون السريَّة في المنطقة الخضراء

المالكي .. والسجون السريَّة في المنطقة الخضراء
الاربعاء 02 جمادى الأولى 1432 الموافق 06 إبريل 2011




بغداد/ الإسلام اليوم

بين فترةٍ وأخرى يتمَّ الكشف في العراق عن سجن سري تابع لقوات الاحتلال الأمريكي أو لحكومة المالكي, وقد كشفت منظمة هيومان رايتس ووتش منذ فترة عن وجود سجن سري في المنطقة الخضراء تابع للمالكي, ولكن الأخير أنكر معرفته بهذا السجن, والغريب أن هذا السجن موجود في المنطقة الخضراء حيث سفارتي أمريكا وبريطانيا, فكيف لهاتين القوَّتين المحتلتين للعراق لا تعرفان بوجود هذا السجن السري, إن لم يكونا يعرفان وغضَّا البصر لمصالح معينة عن هذا السجن وما يحدث فيه من انتهاكات لحقوق الإنسان والإنسانيَّة.

بعض المعتقلين الذين تَمَّ نقلهم إلى سجون أخرى من سجن معسكر الشرف أكَّدوا على أن هذا السجن يتمُّ فيه القيام بكل أنواع الانتهاكات, وأن أغلب المعتقلين في هذا السجن هم من المثقفين والمرموقين في اختصاصاتهم وأعمالهم.. ولم يُعرضوا على القضاء إطلاقًا طوال فترة احتجازهم في معسكر الشرف، ولم يسمح لهم بتوكيل محامين؛ إذ لم يكونوا يسمحون بزيارة أي شخص لهذا المعسكر، ولم يسمحْ أيضًا بزيارات ذوي المعتقلين لهم والذين كانوا يجهلون لشهور أو أكثر مكان احتجازهم.

وكانت منظمات حقوقيَّة حاولت زيارة هذا السجن الخاضع في أدارته للمالكي بصورة مباشرة, وقد توصلت تلك المنظمات الحقوقيَّة الدوليَّة إلى أن السلطات العراقيّة قانت بنقل أكثر من 280 معتقلا إلى موقعٍ سرّي يقع داخل معسكر العدالة، وهو قاعدة عسكريّة كبيرة تقع شمال غرب مدينة بغداد، ويخضع هذا الموقع السرّي لإدارة كلّ من اللواء 56 المعروف أيضًا باسم لواء بغداد وجهاز مكافحة الإرهاب، وكلاهما يأتمر بمكتب رئيس الوزراء، وجرت عمليّات النقل المعجلة قبل بضعة أيام من موعد زيارة فريق تحقيق دولي يتولّى الكشف عن ظروف الاعتقال في موقف "معسكر الشرف"، الواقع داخل المنطقة الخضراء، حيث كان السجناء موقوفين، وحصلت المنظمة على لائحة بأسماء أكثر من 300 معتقل كانوا محتجزين في معسكر الشرف قُبيل نقلِهم إلى معسكر العدالة.

كما حصلت المنظمة على مستندات عددها ثمانية عشر مستندًا، من بينها ما هو مؤرخ في 13 يناير 2011، تثبت عدم سماح مكتب القائد العام للقوّات المسلّحة، الذي يتحكم رئيس الوزراء من خلاله بالقوّات الأمنيَّة العراقيَّة، لفريق التفتيش التابع لوزارة حقوق الإنسان الدخول إلى قسم سجن العدالة.

ومعسكر العدالة هو الموقع السابق للشعبة الخامسة، أي مكتب الاستخبارات في عهد النظام السابق، وقد أجرت المنظمة في شهر ديسمبر 2010 مقابلات مع أكثر من عشرة معتقلين سابقين في معسكر الشرف، تحدث فيها المعتقلون عن الظروف غير الإنسانيَّة التي مرّوا بها، ووصف المعتقلون بالتفصيل الانتهاكات التي تعرّضوا لها أثناء جلسات الاستجواب بغرض حملهم على الإذعان لاعترافات مزوّرة، وقالوا: إنّ المحققين كانوا ينهالون عليهم ضربًا ويُعلّقونهم من أرجلهم في بعض الأحيان ساعات طوال، لا بل يُعرّضون أجزاء عدّة من أبدانهم بما فيها الأعضاء التناسليّة لصواعق كهربائيّة ويتسببون مرارًا وتكرارًا في خنقهم باستخدام الأكياس البلاستيكيّة يُسقطونها على وجوهم إلى حين إصابتهم بالإغماء.

كما لجأ جلادو المالكي إلى التهديد باغتصاب الأقارب من النساء في حال عدم الاعتراف، إذ جاء في إحدى الشهادات: "انهال عليَّ المحققون ضربًا بصورة متكررة وهددوني باغتصاب شقيقتي إن لم أذعنْ بالتوقيع على اعتراف، فاستسلمت من غير أن أعرف مضمون الاعتراف".

وبعد التقارير التي قدَّمتها منظمات حقوقيَّة دوليَّة منها الهيومان رايتس ووتش قامت لجنة مكونة من عدة برلمانيين بزيارة هذا السجن.

عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب أزهار الشيخلي، تحدثت عن مشاهد "صادمة" تضمنتها الزيارة الأخيرة التي قامت بها اللجنة لهذا السجن.

وقالت: "سجَّلنا بعد الزيارة عدم صلاحية المعتقل للاحتجاز، ولاحظنا تعمُّد إدارته رشّ المطهرات بشكلٍ سريع قبيل وصولنا، وبكمية كبيرة، كذلك وجدنا أن غرف الاعتقال التي تستوعب أربعة معتقلين، حشر داخلها نحو أحد عشر معتقلا وأكثر.

وتضيف: "علمنا لدى الزيارة أن هناك حالات اعتقال استمرَّت مدة سنتين أو ثلاث سنوات، وهذا خرق كبير، فضلا عن عدم معرفة أهالي المعتقلين بمكان احتجاز أبنائهم، كما لم يتمكن محامو المعتقلين من مراجعتهم بسبب عدم تمكنهم من الحصول على أذونات الدخول إلى المنطقة الخضراء".

وتقول الشيخلي التي شغلت منصب وزيرة المرأة خلال حكومة إبراهيم الجعفري: "سمعنا من بعض الموقوفين أن هناك حالات تعذيب تكون بشكلٍ منظَّم بعد حصول زيارة لمسئول حكومي للاطِّلاع على أوضاعهم، ولمسنا ظروف اعتقال مُزرية وتصدر عن غرف الاعتقال روائح كريهة تدل على عدم تمكن المعتقلين من العناية بأنفسهم بشكلٍ جيد، بل هي لا تصلح للسكن البشري".

وتضيف: "على الرغم من كوننا نمثل أعلى سلطة تشريعيَّة في البلاد، لكن منعنا من التصوير وسمح لنا بإدخال هواتفنا المحمولة فقط وحاولنا معرفة ما إذا كان هناك سجون سرية ولكن لم تجب إدارة المعتقل عن تساؤلاتنا وردَّت بالنفي".

ونفى المعنيون عن معتقل الشرف للجنة البرلمانيَّة وجود معتقل للنساء، حسب الشيخلي التي تؤكد "منعونا من التحقق بأنفسنا وقالوا أن المعتقلات من النساء يأتي بهنَّ إلى هنا للتحقيق ثم يتمّ إعادتهن إلى أماكن احتجازهن ولكن لم نتمكنْ من تثبيت هذه المعلومة.

وبعد افتضاح أمر سجن الشرف طالب سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانيَّة، بغلق سجن الشرف في المنطقة الخضراء وسط بغداد بالاتفاق مع وزارة العدل لوجود انتهاكات فيه.

وأوضح الجبوري أن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان زارت السجن الخاص قبل أيام، مما تمخَّض عنه فتح تحقيق "بيَّن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان فيه". وأضاف: "طالبنا وزارة العدل الإسراع بإغلاقه، والوزارة استجابت لهذا المطلب وأغلقت السجن بشكلٍ رسمي".

فقد أصدر وزير العدل العراقي حسن الشمري أمرًا بإغلاق معتقل "الشرف" الواقع في المنطقة الخضراء وسط بغداد نظرًا "لعدم مطابقته معايير حقوق الإنسان"، حسبما أفاد بيان رسمي الثلاثاء.

وأكَّد البيان أن الشمري أمر بـ "غلق معتقل معسكر الشرف على خلفيَّة الزيارة التفتيشيَّة التي أجراها للاطِّلاع على أوضاع النزلاء والمحكومين والخدمات المقدَّمة لهم وثبت عدم مطابقتها لمعايير حقوق الإنسان، ويتزامن إغلاق السجن مع التظاهرات المتكرِّرة خلال الأيام الماضية وما تخلَّلَها من مطالب بإطلاق سراح المعتقلين غير المدانين.