منتدى رياض الصالحين
مرحبا بك فى منتدى رياض الصالحين
فلكى تتمكن من الاستمتاع بكافة مايوفره لك المنتدى يجب عليك تسجيل الدخول إلى حسابك ، وإذا لم يكن لديك حساب ،، فإننا نشرف بدعوتك للتسجيل والانضمام كعضو فى منتدى رياض الصالحين
منتدى رياض الصالحين
مرحبا بك فى منتدى رياض الصالحين
فلكى تتمكن من الاستمتاع بكافة مايوفره لك المنتدى يجب عليك تسجيل الدخول إلى حسابك ، وإذا لم يكن لديك حساب ،، فإننا نشرف بدعوتك للتسجيل والانضمام كعضو فى منتدى رياض الصالحين
منتدى رياض الصالحين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى رياض الصالحين

إسلامى _ ثقافى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
• برامج رائعة لتحفيظ القرآن الكريم وتعلم تجويده : تحتوى على القرآن الكريم تلاوة - التفاسير لكل من القرطبى وابن كثير والجلالين - ادعية ختم القرآن للغامدى والسديس والشريم والعجمى والقحطانى والشاطرى والحزيفى - احكام التجويد - تحفيظ القرآن الكريم مع إمكانية تكرار الآية للعدد الذى تحدده - إمكانية البحث - حصريا بمنتدى رياض الصالحين قسم منتدى القرآن الكريم
* قراءة رائعة للطفلة براءة سامح " المصرية " رحمها الله تعالى
• القرآن الكريم كامل : تلاوة كل من : - الشيخ محمود على البنا – الشيخ سعود الشريم – الشيخ على الحزيفى – الشيخ خالد القحطانى – الشيخ الشاطرى – الشيخ عبد الرحمن السديس – الشيخ مصطفى إسماعيل – الشيخ محمد صديق المنشاوى – الشيخ محمد سليمان المحيسنى – جميع سور القرآن الكريم فى ملف مضغوط لكل شيخ
• شرح قواعد التجويد : ويحتوى على : - برنامج المفيد فى مبادئ التجويد – برنامج أحكام التجويد " رواية حفص عن عاصم " - كيفية نطق حروف القرآن الكريم للشيخ الجليل أحمد عامر – شرح أحكام التجويد لفضيلة الشيخ رزق خليل حبة
* فيديو خضير البورسعيدى : يشمل فيديو تعليمى للفنان خضير البورسعيدى لخطوط : النسخ - الثلث - الرقعة
* حصريا على منتدى رياض الصالحبن : الاوفيس 2010 نسخة عربية كاملة مع activate
* أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها - قم بقراءة سيرة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وحمل فضل عائشة لفضيلة الشيخ أبو اسحق الحوينى وحمل أيضا سيرة السيدة عائشة رضى الله عنها لفضيلة الشيخ مسعد انور من قسم منتدى الصوتيات والمرئيات
* اقرأ بقسم المنتدى العام : مفتى السعودية : الهجوم على أم المؤمنين وقاحة ما بعدها وقاحة
* أحسن النماذج لتحسين خطى الثلث والنسخ _ الشيخ عبد العزيز الرفاعى
* قصيدة بانت سعاد للصحابى الجليل كعب بن زهير رضى الله تعالى عنه بصوت ياسر النشمي
* الطب النبوي الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية ابن القيم
* العلاج بالأعشاب الطبيعية + نصائح طبية هامة للدكتور كارم السافورى
* معجم القواعد العربية للشيخ عبد الغنى الدقر
* المكتبة اللغوية الإلكترونية الإصدار الأول تحتوى على 1 - الكتاب : الصحاح في اللغة المؤلف : الجوهري 2- الكتاب : الفائق في غريب الحديث و الأثر المؤلف : الزمخشري 3 - الكتاب : القاموس المحيط المؤلف : الفيروزآبادي 4 - الكتاب : النهاية في غريب الحديث والأثر المؤلف : أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري 5 - الكتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي 6 - الكتاب : لسان العرب المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري 7 - الكتاب : مختار الصحاح المؤلف : زين الدين الرازي
* أزهار الروضة : برنامج لتعليم اللغة العربية والحساب والإنجليزية لأطفال الحضانة " الروضة " فيقوم البرنامج بتعليم نطق الحروف العربية للأطفال " فى سن الحضانة " وتدريبهم على معرفة الأشياء المحيطة بهم والتعرف على أصوات الحيوانات وغيرها من التدريبات المساعدة على تنمية قدراتهم العقلية كم يقوم البرنامج بتعليم الأطفال الحساب من خلال التعرف على الأعداد وكيفية كتابتها ونطقها بالإضافة إلى تدريبات رائعة لتنمية ذكائهم كما تحتوى الأسطوانة على تعليم الأطفال الحروف والأعداد بالإنجليزية بأسلوب غاية فى الروعة بالإضافة إلى التدريبات والألعاب المفيدة لهمكم كما تحتوى الأسطوانة على تعليم الوضوء والصلاة والسلوكيات الإيجابية للطفل المسلم كما تحتوى على بعض قصار الصور ليحفظها الطفل بصوت فضيلة الشيخ على الحزيفى وشرحها بأسلوب يتناسب مع سن الطفل كما تحتوى على تسعة أناشيد بصوت أطغال صغار
* برنامج تعليم الحروف : برنامج رائع يشمل تعليم الأطفال فى سن الحضانة " الروضة " الآتى : 1. تعليم الحروف 2. تعليم الأرقام 3. تحفيظ جزء عم بصوت فضيلة الشيخ الحزيفى " معلما " وفضيلة الشيخ العجمى " مرددا " 4. ألعاب وتشمل : • بازل الصور • لعبة الأهداف • صيد السمك • ترتيب الأشكال
* موسوعة علوم القرآن الإصدار الأول -
* سلسلة الرسم الزخرفى والمنظور فى الخط العربى - دبلوم التخصص والتذهيب
* رد الدكتور ياسر برهامى على جريدة الدستور لهجومها على مشايخ السلفية
* مشابهة الأشاعرة والماتردية للمشركين للشيخ : عبد الله الخليفي
* سلسلة كتب الرسم الزخرفى والمنظور فى الخط العربى لمرحلة دبلوم الخط العربى
* نقط فوق الحروف مجموعة خطوط عربية وتشكيلية قام بكتابتها الفنان العملاق / محمد سعد إبراهيم الحداد وتعتبر أعمالا جانبية بالنسبة لما سطرته يداه ولقد وفقه الله تعالى لكتابة ستة مصاحف بمصر والسعودية والكويت وبيروت مجموعة خطوط عربية وتشكيلية قام بكتابتها الفنان العملاق / محمد سعد إبراهيم الحداد وتعتبر أعمالا جانبية بالنسبة لما سطرته يداه ولقد وفقه الله تعالى لكتابة ستة مصاحف بمصر والسعودية والكويت وبيروت
* كراسة نجيب هواوينى فى الخط الفارسى
* برنامج الشامل في تعليم الإنجليزية يحتوى البرنامج على : ــ 1 ــ English basic 2 ــ English grammar
* نساء في القرآن
* المصحف المعلم ــ الحذيفى برنامج يهتم بتلاوة وتحفيظ القرآن الكريم ويحتوى على الآتى : 1. التلاوة : تلاوة القرآن الكريم بصوت الشيخ الحذيفى 2. الدعاء : بصوت الشيخ الحذيفى 3. التفسير :  تفسير القرطبى  تفسير ابن كثير  تفسير الجلالين  أسباب النزول  ترجمة انجليزية  ترجمة فرنسية 4. التحفيظ : امكانية تكرار الآية أو الآيات للعدد الذى 5. البحث : يتوفر فى البرنامج امكانية البحث
* المصحف المعلم برنامج يعتبر موسوعة علمية ضخمة فى علوم القرآن الكريم فيحتوى البرنامج على الآتى : 1 ــ المصحف المرتل : قراءة الشيخ محمد أيوب 2 ــ المصحف المعلم : الشيخ المنشاوى معلما و الشيخ العجمى مرددا 3 ــ أحكام التجويد : تعليم أحكام تجويد القرآن الكريم 4 ــ معانى الكلمات :  عربى : اعتمادا على تفسير الجلالين  انجليزى  فرنسى 5 ــ حول القرآن الكريم :  وصف القرآن الكريم لنفسه  تفسير القرآن الكريم  آداب تلاوة القرآن الكريم  أسماء الحيوانات فى القرآن الكريم  أسماء الملابس فى القرآن الكريم  أعضاء الجسم فى القرآن الكريم  أسماء وصفات الرسول صلى الله عليه وسلم  أسماء وصفات يوم القيامة 6 ــ التحفيظ ( بصوت الشيخ محمد أيوب ) : امكانية تكرار الآيات للعدد الذى تريده 7 ــ أدعية ختم القرآن الكريم لكل من سعد الغامدى ـ عبد الرحمن السديس ـ سعود الشريم ـ أحمد بن على العجمى ـ محمد البراك ـ أبو بكر الشاطرى ـ خالد القحطانى ـ سالم عبد الجليل 8 ــ مختارات : تلاوة بعض السور لكل من على جابر ـ عبد الهادى الكناكرى ـ خالد القحطانى ـ أبو بكر الشاطرى ـ عبد الله المطرود ـ أحمد بن على العجمى ـ محمد البراك 9 ــ التفاسير :  تفسير القرطبى  تفسير ابن كثير  أسباب النزول للسيوطى  تفسير الطبرى  فتح القدير  تفسير البيضاوى  تفسير البغوى
* برنامج أذكار اليوم والليلة برنامج رائع للأذكار اليومية كأذكار الاستيقاظ من النوم ودعاء لبس الثوب ودعاء دخول الخلاء والخروج منه والذكر قبل الوضوء وبعده .................... وجميع الاحوال والمناسبات التي يعيشها المسلم بشكل عام والبرنامج يحتوى على خيار تكرار الحديث لأجل حفظه كما يتوفر به إمكانية البحث عن ذكر معين بالإضافة إلى احتواءه على مجموعة من الخلفيات الجميلة والتي تعمل بشكل تلقائي أثناء التشغيل والأهم من هذا كله زيادة على ما فيه من الخير هو أن حجمه مضغوط 48.3 م ب

 

 الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو حكيم
Admin



عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 27/08/2010

الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة Empty
مُساهمةموضوع: الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة   الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة Emptyالأحد يناير 23, 2011 4:40 am

الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة
حامد بن عبدالله العلي
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعـد
فهذه خلاصة ، فيها فصول جامعة لقواعد نافعة ، ولطائف ماتعة ، تعين المستنبط من القرآن على إستنباط معانيه ، وتفتح للمفسّـر أبوابا في بيان مراميه ، ثم إنه لايخفى على اللبيب ، أن معاني القرآن وأسراره بحر ليس له ساحـل ، يؤتي الله تعالى فهمها لمن شاء على قـدر إخلاصـه ، ويرد عنها أهل الأهواء فيرجعون بلا طائـل ، وإنما تتنزّل بركـة القـرآن على من تعلّق به على قدر تعلقه ، فمن قام به آناء ليله ونهاره ، فتح الله تعالى لـه به أسراره ، وكشف له أستاره .
ونسأل الله تعالى أن يتقبل منـا أعمالنا ، ويجعلها ذخيرة لنا ، يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلـب سليم.

فصــل
مدخــل وتعريفــات
القاعدة لغة : ما انبني عليه غيره .
وإصطلاحا : كلي يندرج تحته أحكام جزئية
التفسيـر : يدور معناه على الكشف والبيان ، فهـو إخراج الشيء من مقام الخفاء إلى مقام التجلي
والتفسير إصطلاحا : علم يعرف به معاني القرآن وأحكامه.
علم التفسير أشرف العلوم ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، وكلام الله تعالى هو صفة من صفاته ، وشرف معرفة معاني كلامه ، لايساويه شرف.

قواعد التفسير : قواعـد كلية يتوصل بها إلى معرفة معاني القرآن وأحكامه
فقواعد التفسير بالنسبة للتفسير مثل أصول الفقه بالنسبة للأحكام الفقهية العملية ، فكما أن أصول الفقه تضبط الإستدلال وتعرف الفقيه كيفية إستنباط الأحكام من النصوص ، كذلك قواعد التفسير تضبط الإستدلال ممن القرآن وتعرف المفسر كيف يستدل بالقرآن على معانيه و أحكامه.
والعلاقـة بين قواعد التفسير القرآن ، وعلوم القرآن ، هو أن القواعد جزء من علوم القرآن .
معنى القرآن
القرآن مصدر بمعنى اسم المفعول قرأ يقرأ قراءة وقرآنا ،
وقرأ في اللغة : بمعنى تلا ، أو بمعنى جمـع ، ومنه القرية لأنها تجمع السكان .
والقرآن أي المتلو ، أو المجموع
ومما ذكره العلماء في معنى المجموع أي الذي جمع كل ما في كتب الأولين .
وهو كلام الله تعالى المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته .
وهو محفوظ بالصدور ، منقول بالتواتر ، ومن أنكر منه حرفا مجمعا عليه بين القراء فهو كافر ، وكذا من ادعى أن شيئا منه مكتوم.
والقرآن محفوظ من التغيير ، والتبديل ، والنقص ، والزيادة .
ولهذا صار أهل البدع والزندقة إلى تأويله التأويلات الباطلة لما عجزوا عن تغيير ألفاظه
والقرآن كتاب مبارك ، بركته في تأثيره على القلب ، وعلى البدن ، وعلى الفرد ، وعلى الأمّـة ، وعلى الناس جميعا.
سماه الله تعالى القرآن المجيد ، والمبارك ، و الكريم ، والعظيم ، والكتاب ، والذكر ، والتنزيل ، و النور ، والهدى ، والشفاء ، والرحمة ، والموعظة ، ومبين ، وبشرى ، وعزيـز ، وبشير ،و نذيـر
مصادر هذا العلم :
القرآن ، والسنة ، و المأثور عن الصحابة ، أصول الفقه ، علوم اللغة .
مؤلفاته :
كان الكلام في هذا العلم منثور في كتب التفسير ، والأصول ، وعلوم القرآن ، ثم صدرت عدة مؤلفات منها قواعد التفسيـر لفخر الدين بن الخطيب الحنبلــي (621هـ ) وكتاب المنهج القويم لابن الصائغ الحنفي ( 777هـ ) وقواعد التفسير لابن الوزير (840هـ ) ، التيسير في قواعد التفسير للكافيجي ( 879هـ ) ، والقواعد الحسان للسعدي (1376هـ ) .
فصـل
يحتاج المفسّـر إلى خمسة عشر علما
أحدها اللغة لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع
قال مجاهد لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب
وتقدم قول الإمام مالك في ذلك ولا يكفي في حقه معرفة اليسير منها فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد الآخر
الثانــي : النحو لأن المعنى يتغير ويختلف بإختلاف الإعراب فلا بد من إعتباره أخرج أبو عبيد عن الحسن أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته فقال حسن فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيى بوجهها فيهلك فيها
الثالث : التصريف لأن به تعرف الأبنية والصيغ قال ابن فارس ومن فاته علمه فاته المعظم لأن وجد مثلا كلمة مبهمة فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها.
وقال الزمخشري من بدع التفاسير قول من قال إن الإمام في قوله تعالى يوم ندعو كل أناس بإمامهم جمع أم وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم قال وهذا غلط أوجبه جهل بالتصريف فإن أما لا تجمع على إمام.
الرابع : الاشتقاق لأن الاسم إذا كان إشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف المعنى باختلافهما كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح.
لخامس والسادس والسابع المعاني والبيان والبديع لأنه يعرف بالأول خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى وبالثاني خواصها من حيث إختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها وبالثالث وجوه تحسين الكلام وهذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر لأنه لا بد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز وإنما يدرك بهذه العلوم .
الثامن : علم القراءات لأن به يعرف كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض.
التاسع : أصول الدين.
العاشر: أصول الفقه.
الحادي عشر : أسباب النزول.
الثاني عشر: الناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره.
الثالث عشر الفقه.
الرابع عشر : الأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم.
الخامس عشر علم الموهبة وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بحديث من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم
فصــل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
1 ـ يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم بيَّن لأصحابه معاني القرآن كما بيَّنلهم ألفاظه، فقوله تعالى ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) يتناول هذا و هذا
2ـ تدبر القرآن بدون فهم معانيه، لا يمكن ، عن ابن عمر أنه قام على حفظ البقرة عدة سنين ، وكان الصحابة رضي الله عنهم لايتجاوزون العشر آيات حتى يتعلموها و يعملوا بها
3 ـ كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جداً ، و إن كان في التابعين أكثرمنه في الصحابة
4 ـ الخلاف بين السلف فى التفسير قليل ، وخلافهم فى الأحكام أكثر من خلافهم فى التفسير، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف ، يرجع إلى اختلاف تنوع ، لا اختلاف تضاد.
5 ـ المنقول فى التفسير: أكثرهكالمنقولفى المغازي والملاحم ، ولهذا قال الإمام أحمد : ثلاثة أمور ليس لها إسناد : التفسير، والملاحم، والمغازي.
6 ـ وأماالتفسير: فإن أعلم الناس به: أهل مكةلأنهم أصحاب ابن عباس ، كمجاهد، وعطاء بن أبى رباح، وعكرمة مولى ابن عباس ، وغيرهم.
فصـل جامع للتفسير بالمأثـور
قال السيوطي ( اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة : الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس رضي الله عنهما ، وابن بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري ، وعبدالله بن الزبير
أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب ، والرواية عن الثلاثة نزرة جدا ، وكأن السبب في ذلك تقدم وفاتهم ، كما أن ذلك هو السبب في قلة رواية أبي بكر رضي الله عنه للحديث ، ولا أحفظ عن أبي بكر رضي الله عنه في التفسير إلا آثارا قليلة جدا ، لا تكاد تجاوز العشرة.
وأما علي فروى عنه الكثير ، وقد روى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال : شهدت عليا يخطب ، وهو يقول سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت ، أم بنهار أم في سهل ، أم في جبل.
أما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي ، وقد أخرج ابن جرير وغيره عنه أنه قال: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلاّ وأنا أعلم فيمن نزلت ، وأين نزلت ، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته.
ثم قال السيوطي : وأما ابن عباس ، فهو ترجمان القرآن الذي دعا له النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،: اللهم فقهه في الدين ، وعلمه التأويل ، وقال له أيضا اللهم آته الحكمة ، وفي رواية اللهم علمه الحكمة.
طـرق التفسيـر عن ابن عباس رضي الله عنهما :
ثم قال : قد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة ، وفيه روايات وطرق مختلفة.
فمن جيدها طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه ، قال أحمد بن حنبل : ( بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا ) أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه ،
قال ابن حجر : ( وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث رواها عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وهي عند البخاري عن أبي صالح ، وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيرا فيما يعلقه عن ابن عباس ، وأخرج منها ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر كثير بوسائط بينهم وبين أبي صالح ، وقال قوم لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير ، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير)
قال ابن حجر بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك.
ثم قال : وقال الخليلي في الإرشاد : وتفسير شبل بن عباد المكي عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عن ابن عباس ، قريب إلى الصحة ،
ثم قال السيوطي : (ومن جيد الطرق عن ابن عباس طريق قيس عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عنه ، وهذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين ، وكثيرا ما يخرج منها الفريابي والحاكم في مستدركه ،
ومن ذلك طريق ابن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عنه ، هكذا بالترديد ، وهي طرق جيدة ، وإسنادها حسن ، وقد أخرج منها ابن جرير، وابن أبي حاتم كثيرا ، وفي معجم الطبراني الكبير منها أشياء
وأوهى طرقه طريق الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس ، فإن إنضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب ،
وطريق الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس منقطعة ، فإن الضحاك لم يلقه ، فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق عنه فضعيفة لضعف بشر ، وقد أخرج من هذه النسخة كثيرا ابن جرير وابن أبي حاتم ،
وإن كان من رواية جويبر عن الضحاك ، فأشد ضعفا لأن جويبرا شديد الضعف متروك ، ولم يخرج ابن جرير ، ولا ابن أبي حاتم ، من هذا الطريق شيئا، إنما أخرجها ابن مردويه ، وأبو الشيخ بن حبان ،
وطريق العوفي عن ابن عباس أخرج منها ابن جرير، وابن أبي حاتم كثيرا ، والعوفي ضعيف ليس بواه ، وربما حسن له الترمذي.
ثم قال : أما أبي بن كعب فعنه نسخة كبيرة ، يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية عنه ، وهذا إسناد صحيح ، وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم منها كثيرا ، وكذا الحاكم في مستدركه ، وأحمد في مسنده.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة غير هؤلاء اليسير من التفسير ، كأنس ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وجابر ، وأبي موسى الأشعري.
وورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أشياء تتعلق بالقصص ، وأخبار الفتن ، والآخرة ، وما أشبهها بأن يكون مما تحمله عن أهل الكتاب ، كالذي ورد عنه في قوله تعالى ( في ظلل من الغمام) ، وكتابنا الذي أشرنا إليه جامع لجميع ما ورد عن الصحابة من ذلك.
ثم ذكر السيوطي كبار المفسرين من التابعين ، فذكر مجاهد ، وقتادة ، وعكرمة ، والحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن أبي سلمة الخراساني ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبو العالية ، والضحاك بن مزاحم ، وعطية العوفي، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، ومرة الهمداني ، وأبو مالك.
وقال : ويليهم الربيع بن أنس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في آخرين ، فهؤلاء قدماء المفسرين ، وغالب أقوالهم تلقوها عن الصحابة.
ثم بعد هذه الطبقة ، ألفت تفاسير تجمع أقوال الصحابة والتابعين ، كتفسير سفيان بن عيينة ، ووكيع بن الجراح ، وشعبة بن الحجاج ، ويزيد بن هارون ، وعبد الرزاق ، وآدم بن أبي إياس، وإسحاق بن راهويه ، وروح بن عبادة ، وعبد بن حميد ، وسعيد ، وأبي بكر بن أبي شيبة وآخرين,
وبعدهم ابن جرير الطبري ، وكتابه أجل التفاسير وأعظمها ، ثم ابن أبي حاتم ، وابن ماجه، والحاكم ،وابن مردويه ، وأبو الشيخ بن حبان ، وابن المنذر في آخرين ، وكلها مسندة إلى الصحابة ، والتابعين ، وأتباعهم وليس فيها غير ذلك إلا ابن جرير ، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب والاستنباط فهو يفوقها بذلك ,
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس بأيدي أهل التفسير ، كتاب في التفسير ، أصح من تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد إلا أن يكون نظيره في الصحة ) مجموع الفتاوى 17/409

قال العلامة أحمد شاكر عن تفسير السدي الكبير الذي يرويه أسباط بن نصر عنه ، ويرويه الطبري وابن أبي حاتم ، مفرقا في السـور : إنـّه كتاب ألفه السدي جمع فيه التفسير بهذه الطرق الثلاث : من روايته عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس ، ومن روايته عن مرة الهمداني عن ابن مسعود ، ومن روايته بنفسه عن بعض الصحابة ، والحاكم يروي بعض هذا التفسير في مستدركه ، وهو رواية أسباط بن نصر عن السدي عن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة ، ويصححه على شرط مسلم ، ويوافقه الذهبي .


فـصـل
قال السيوطي في الإتقان
وقد جمعت كتابا مسندا فيه تفاسير النبي والصحابة فيه بضعة عشر ألف حديث ، ما بين مرفوع ، وموقوف وقد تم ، ولله الحمد في أربع مجلدات ، وسميته ترجمان القرآن ، ورأيت وأنا في أثناء تصنيفه النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام في قصة طويلة تحتوي على بشارة حسنة 2/
235
وقال السيوطي في كتابه قطف الأزهار في كشف الأزهار (وبعد فإن الله سبحانه ، وله الحمد قد منَّ عليَّ بالنظر في علوم القرآن وحقائقه ، وتتبع أسراره ودقائقه ، حتى صنفت في تعليقاته كتباً شتى ، منها التفسير الملقب (ترجمان القرآن) وهو الوارد بالإسناد المتصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين شاهدوه وتلقوا منه الوحي والتنزيل ، وسمعوا منه التفسير والتأويل ، وقد تم - ولله الحمد - في خمس مجلدات ، وهو مستوعب لغالب آيات القرآن من غير أن أذكر فيه شيئاً عن التابعين ، ولا من بعدهم ،وهذا لعمري هو التفسير ، فإنّ الكلام في معاني القرآن ممن لم ينزل عليه ولا سمع من المنزل عليه ، إنما هو رأي محض ، فإن كان موافقاً للقواعد فهو التأويل ، وإن خرج عنها وأخطأ المراد فتحريف وتبديل ... ولما كان هذا التفسير المشار إليه نقلاً محضاً ، ليس فيه إعراب ، ولا سـرّ بياني ، ولا نكتة بديعية ، ولا استنباط حكم إلاّ نادراً أردفته بكتب في ذلك لتكون كالتتمة له ، ويحصل بهــا تمام ما يراد من كتب التفسير ، فأجل ما وضعت من ذلك : كتاب الإتقان في علوم القرآن ، وهو كالمقدمة لمن يريد التفسير ، وأكثره قواعد كلية ، وفيه من الفوائد ما لم يجتمع في غيره... ) ص 89
وهذا الكتاب الذي هو ترجمان القرآن مفقود ، لم يطبـع وإنما الذي طبع هو الدر المنثور وهو اختصار ترجمان القرآن ، حيث حذف منه الأسانيد ،
فصـــل :
قال ابن الصلاح : وحيث رأيت في كتب التفسير ، قال أهل المعاني ، فالمراد به مصنفو الكتب في معنى القرآن، كالزجاج ، والقراء ، والأخفش ، وابن الأنباري أهـ. الاتقان 1/149
فصل
قال السيوطي من أحسن الكتب في غريب القرآن ، مفردات الراغب الأصبهاني.المصدر السابق
فصل المحكم والمتشابة في القرآن
القرآن كله محكم بإعتبار ، وكله متشابه بإعتبار ، كما هو ينقسم إلى محكم ومتشابه بإعتبار .
فقد وصفه الله تعالى بأنه محكم في عدة آيات، وأنه: ( أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) ومعنى ذلك أنه في غاية الإحكام ونهاية الانتظام، فأخباره كلها حق وصدق، لا تناقض فيها ولااختلاف، وأوامره كلها خير وبركة وصلاح، ونواهيه متعلقة بالشرور والأضرار والأخلاق الرذيلة والأعمال السيئة فهذا إحكامه .
ووصفه بأنه متشابه في قوله من سورة الزمر: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهـاً ) أي: متشابها في الحسن والصدق والحق، ووروده بالمعاني النافعة المزكية للعقول، المطهرة للقلوب، المُصلحة للأحوال، فألفاظه أحسن الألفاظ ومعانيه أحسن المعاني .
ووصفه بأن ( مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) فهنا وصفه بأن بعضه هكذا وبعضه هكذا، وأن أهل العلم بالكتاب يردون المتشابه منه إلى المحكم، فيصير كله محكماً ويقولون: ( كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ) أي: وما كان من عنده فلا تناقض فيه، فما اشتبه منه في موضع، فسره الموضع الآخر المحكم، فحصل العلم وزال الإشكال .
والمحكم هو أم القرآن ، ولهذا لا يعرف معنى المتشابه إلا بالرد إلى المحـكم .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير آية آل عمران المتقدمة : ( يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات ، هنّ أمّ الكتاب ، أي بيّنات واضحات الدلالة لا التباس فيها على أحد ، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس ، أو بعضهم ، فمن رد ما اشتبه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده ، فقد اهتدى ، ومن عكس انعكس ، ولهذا قال تعالى { هن أم الكتاب } أي أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه { وأخر متشابهات } ، أي تحتمل دلالتها موافقة المحكم وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب لا من حيث المراد)
فصل في الفـرق بين التأويل و التفسير في القرآن
التأويل في لغة القرآن هو ما يؤول إليه الشيء وعاقبته .
كقوله تعالى ( وأحسن تأويلا ) أي خيرٌ عاقبة ،
وقوله ( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) قال الطبري ( بم تؤول إليه عاقبة أفعالي )
وقوله ( هذا تأويل رؤياي ) ، قال ابن كثير ( أي هذا ما آل إليه الأمر )
وقوله ( يوم يأتي تأويله ) ( ولما يأتهم تأويله ) أي عاقبة ما جاءت به الرسل الكرام.
في لفظ السلف له معنيان :
أحدها : تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه ، فهنا يكون والتفسير مترادفين ، وقد جاء هذا في كلام النبوّة في حديث ( وعلّمه التأويل ) عن ابن عباس رضي الله عنهما ،
الثاني : نفس مراد المتكلم ، فإن كان طلبا كان تأويل الكلام نفس الفعل المطلوب ، وإن كان خبرا كان نفس الشيء المخبر به .
وكلا المعنيين يعم المحكم والمتشابه ، والأمر ،والخبر .
أما التأويل بمعنى صرف اللفظ من معناه الظاهر إلى معنى آخر ، فهو اصطلاح حادث لايجوز إنزال معاني القرآن عليه .
ثم إنّ صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر إنّ كان بدليل صحيح فهو من تفسير القـرآن ، وإن كان لغير ذلك فهـو من القول بالقرآن بغير علم.
وبهذا يعلم أن الوقف فـي : ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) إن كان على لفظ الجلالة ، فالمقصود عاقبة ما ذكر في القرآن مما يعلم عاقبته ومآله وكيفـيّة وقوعـه إلا الله تعالى ، وإن كان على ( والراسخون في العلم ) ، فالمقصـود به التفسير والبيان والإيضاح ، فهم يعلمونه ، مما علمهم الله تعالى أن يردوه إلى المحكـم فيتبين معناه .
فصــل :
الآية التي جمعت أسرار القرآن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لهذا قيل أن هذه الآية جمعت جميع أسرار القرآن إياك نعبد وإياك نستعين لأن أولها اقتضى عبادته بالأمر والنهى والمحبة والخوف والرجاء كما ذكرنا وآخرها اقتضى عبوديته بالتفويض والتسليم وترك الاختيار وجميع العبوديات داخلة فى ذلك.
وقال في موضع آخر : (ولهذا روى أن الله أنزل مائة كتاب وأربعة كتب ، جمع معانيها فى القرآن ، ومعانى القرآن فى المفصل ، ومعانى المفصل فى أم الكتاب ، ومعانى أم الكتاب فى هاتين الكلمتين إياك نعبد وإياك نستعين ، وهذا المعنى قد ثناه الله فى مثل قوله : فاعبده وتوكل عليه ، وفى مثل قوله عليه توكلت واليه أنيب ، وقوله عليه توكلت وإليه متاب)
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : (وأسرار القرآن الكريم أكثر وأعظم من أن يحيط بها عقول البشر)

فصـل :
دعوى أن للقرآن معاني باطنية لاتعلم من ميراث الرسول زندقـة
أجمع العلماء أن النصوص على ظاهرها والعدول عنها إلى معان باطنية لا تعلم إلاّ بطريق الكشف الصوفي ، زنـدقة وإلحاد ، إذ ذلك يبطـل الشريعة بأكملها .
قال ابن الصلاح في فتاويه : وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال : صنف أبو عبدالرحمن السلمي حقائق التفسيـر ، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كـفر .
قال السيوطي في الإتقان : (سئل شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني عن رجل قال في قوله تعالــى ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) : إن معناه (من ذل) أي من الذل ، (ذي) إشارة إلى النفس ، ( يشف) من الشفا جواب من ، (ع ) أمر من الوعي ، فأفتى بأنه ملحد ، وقد قال تعالى إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا قال ابن عباس هو أن يوضع الكلام على غير موضعه أخرجه ابن أبي حاتم
فصل
القرآن كلّه مأمور بتدبر معانيه ، فلايقال فيه مالايعلم معناه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( كيف وقد أمر الله بتدبر كتابه فقال تعالى : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ، ولم يقل بعض آياته ، وقال : أفلا يتدبرون القرآن ، وقال : أفلم يدبروا القول ، وأمثال ذلك في النصوص التي تبين أن الله يحب أن يتدبر الناس القرآن كله / وأنه جعله نورا وهدى لعباده ، ومحال أن يكون ذلك مما لا يفهم معناه ، وقد قال أبو عبدالرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرؤننا القرآن عثمان بن عفان ، وعبدالله بن مسعود ، أنهم قالوا كنا إذا تعلمنا من النبي عشر آيات ، لم نجاوزها حتى نتعلم ما فيها من العلم ، والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا).
قلت : أما ما رواه الطبري وغيره، ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : التفسير على أربعة أوجه : ( وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله) ، أعني قوله : وتفسير لايعلمه إلاّ الله ، فمحمول على أن مقصده ، كيفيات صفات الله تعالى ، أمور الغيـب ، فتفسيرها لايعلمه إلا الله تعالى .

فصل
جامع لمسائل أسباب النزول
لايعرف سبب النزول إلاّ بتوقيف ، وله حكم الرفع ، والأصل عدم تكرار النزول ، فإن تعدد الروايات في سبب النزول ،فالأصح ، ثم الأصرح ، فإن تساوى وتقارب الزمان حمل على الجميـع ، أو يصار إلى الترجيح ، والعبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب .
فصل
جامع لمسائل القراءات
كـلّ قراءة صحّ سندها ، ووافقت العربية ، ورسم المصحف ولو احتمالا ، فهي قراءة صحيحة ، وتنوع القراءات بمنزلة تعدد الآيات ، وبعضها يفسر بعض ، بيانا لمجمل ، وتخصيصا لعام ، وتقييدا لمطلق .
مثال ما خالف العربية ( بداكم ) بألف خالصـة ، ومثال ما خالف المصحف ( يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ) ، ومثال ما نقله غير الثقة ( ننحيك ببدنك ) .
وتنوع القراءات مثل ( بل عجبـتَ ويسخرون ) ، والقراءة الثانية ( بل عجبـتُ ويسخـرون ) ، فالأولى فيها نسبة العجب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، والقراءة الأخرى بمنزلة آية أخرى ، ينسـب فيها الرب سبحانه هذا الفعل إليه ، ويكون القول فيه كالقول في سائر صفاته سبحانه وتعالى ، تمر كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ، ولاتمثيل ، ولاتكييف ، ومعلوم أن العجب نوعان ، نوع يكون سببه تفاجئ المعجـب بما كان يجهـله ، ونوع سببـه تميز المتعجب بـه عن سواه ، مع أن المعجـب سبق علمه بـه ، فالمعنى الثاني هو الذي ينسب إلى الله ، والأول ينزه الله عنه .
من أمثلة تفسير القراءة للقراءة ، أن تكون القراءة المفسرة آحادية ، تفسر آية متواترة ، مثل آية ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصـر ) فهذه
فصـل
تفسير القرآن بالقرآن إمـّـا :
بيان مجمل : متصلا كقوله ( حتى يتبين لكم الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر) أو منفصـلا كقوله ( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم ) ، بينت في قوله ( حرمت عليكم الميتة والدم ..الآية ) .
أو تقييدا لمطلق ، كقوله تعالى ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا لن تقبل توبتـهـم) ، فعدم قبول التوبة هنا ، مقيد بحضور الموت ، لقوله تعالى ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال إني تبت الآن ) .
أو تخصيصا لعام ، كقوله تعالى ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) ، خصصتها آيــة ( حرمت عليكم أمهاتكـم ..الآية ) .
فصــل
أحوال السنة مع القرآن أنها تأتــي:
مؤكده ، مثاله : تحريم السنة للخمر ، تأكيدا لتحرم القرآن
زائدة على ما في القرآن ، مثل تحريم أكل كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلـب من الطير
أو مبينــة ،
وفي كونها تأتي ناسخة لما في القرآن خلاف مشهور ، موضعه أصول الفقه .
فإن جاءت مبينة ، فعلى أحوال :
ذلك أن تفسير القرآن بالسنـة إما :
أن يفسـّر النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بالقـرآن .
مثاله : أخرج الشيخان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ، لما نزلت ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ..الآية ) ، قلنا يارسول الله : أينا لايظلم نفسه . قال : ليس كما تقولون : لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، بشـرك ، أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لإبنه : يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم .
أو ينص بكلامه على تفسير اللفظ في الآية ، مثاله : حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا : يدعى نوح يوم القيامة ، فيقول : لبيك وسعديك يارب ، فيقول : هل بلغت ، فيقول نعم ، فيقال لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير ، فيقول : من يشهد لك ، فيقول : محمـد وأمته ، فيشهدون أنه قد بلغ ، ويكون الرسول عليكم شهيدا ، فذلك قوله عز وجل : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) ،والوسط : العـدل ) رواه البخاري .
أن يعمل بآية فيكون عمله تفسيرا، مثاله : حديث الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما ( لما نزلت " وأنذر عشيرتك الأقربين " ، صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا ، فجعل ينادي : يابني فهـر ، يابني عدي ، ..)
ثم قد يكون بيانه صلى الله عليه وسلم :
أما تخصيص عام ، مثل تخصيص عموم ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثييين ) ، خصصت السنة القاتل ، والكافر ، والرقيق ، فلايرثون .
أو تقييد مطلق ، مثل قوله تعالى ( و السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) قيد القطع بدلالة السنة بأنه من الرســغ .
أو تعريف مبهم : مثال حديث أبي هريرة رض الله عنه في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، قال الشفاعة ) رواه الترمذي.
أو بيان مجمل ، مثل بيانه بأفعاله ، لقوله تعالى : ( أقيموا الصلاة ) .
فصـل
جامع لمنهج تفسير الصحابة للقرآن
تفسير الصحابة للقرآن إن كان في أسباب النزول ، أو من قبيل مالا يقال بالرأي ، فله حكم الرفع ـ ويسثتنى من يروي عن بني اسرائيل ـ وإن كان في الأحكام الشرعية فهو قول صحابي
وتفسير الصحابة للقرآن ،
إما أن يكون بالقرآن
مثاله : أخرج البخاري عن العوام سألت مجاهدا عن السجدة في سورة ص ، فقال : سئل ابن عباس رضي الله عنهما فقال ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) ، وكان ابن عباس يسجد فيها .

أو بالسنة .
مثاله : أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( لتركبن طبقا عن طبق ) ، قال حال بعد حال ، قال هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم .
أم بكلامه مما له حكم الرفع .
مثاله : أخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه ، في قوله ( لقد رأى من آيات ربــه الكبرى ) ، قال : رأى رفرفا أخضـر قد سـد الأفــق .
ومثله أثر ابن عباس رضي الله عنه في قصة قدوم إبراهيم عليه السلام مكة ، وقد ذكر فيه تفسير بعض الآيات .
أو باللغة .
مثاله ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ( كأسا دهاقا ) ، مملوءة متتابعة ، سمعت أبي يقول في الجاهلية ( أسقني كأسا دهاقا ) .
أو بما رواه أهل الكتاب :
وما رواه أهل الكتاب ، ثلاثة أقسام : الأول ما علم صدقه ، فهذا إشكال فيه ، الثاني ما علم كذبه لمناقضته ما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم فهذا كذب ، والثالث ما لايعلم صدقه من كذبه ، فهذا يحدث بـه ولا حرج كما ورد في الحديث ، لكن لايقرن بتفسير كتاب الله تعالى على الأرجح ، لأن في ذلك إيهاما أنه يبين ما في القرآن.
والروايات الواردة عن الصحابة في ذكرهم ما جاء عن أهل الكتاب ، أقسـام :
أحدها : أن يصرح بنسبة الرواية إليهم ، كما روى البخاري بسنده عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) ، قال في التوراة : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولاسخاب بالأسواق ، ولايدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، ولن يقبضه الله ، حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، فيفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ) .
الثاني : أن يروى عنهم دون التصريح بنسبته إليهم ، وهذا كثيـر ، منه قول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالـى ( فإنـّها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ) ، قال : فدخلوا التيه ، فكل من دخل التيه ممن جاوز العشرين سنة ، مات في التيه ، ومات موسى في التيه ،ومات هارون قبله ، قال : فلبثوا في تيههم أربعين سنة ، فناهض يوشع بمن بقي معه مدينة الجبارين ، فافتتح يوشع المدينة ) رواه ابن جرير .
أو يستنبط الدقيق من معاني القرآن بفهمه .
مثاله : أخرج البخاري عن عبيد بن عمير رضي الله عنه ، قال عمر رضي الله عنه يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فيم ترون نزلت هذه الآية ( أيود أحدكم أن تكون له جنة ) ، قالوا : الله أعلم ، فغضب عمر فقال : قولوا نعلم أو لانعلم ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما ، في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين ، قال عمر : يابن أخي : قل ولا تحقـر نفسك ، قال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل ، قال أي عمل ، قال لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل في طاعة الله ، ثم بعث الله له الشيطان ، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .
أو يفسر القرآن بما شهده وقت التنزيل من الأحوال
مثاله : اخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ) ، قال هم كفار أهل مكة ) .
فصل
منهج التابعين في تفسير القرآن
وسبب العناية بتفسير التابعين ، وما له من مزية ، أنهم صحبوا الصحابة وشهدوا علمهم في تفسير القرآن وأنهم من القرون المفضلة ،وأنهـم أقوم لسانا ممن بعدهم .
وتفسير التابعي ليس له حكم الرفع ، وحكمه حكم قول التابعي.
لكن إن إتفقوا على تفسير آية ، لم يجـز إحداث قول غير ما أجمعوا عليه في تفسير الآية .
فصل
منهج تفسير القرآن باللغـة
تفسير القرآن باللغـة يراعى فيه المعنى الأغلب والأفصح دون الشاذ ،
مثاله تفسير قوله تعالى ( لايذوقون فيها بردا ولا شرابا ) بالنوم ، وهو نادر في كلام العرب ، فلايفسر به الكتاب.
فصـل
فوائد لغوية مهمة تعين على التفسير
المضارع بعد ( كان ) يدل على الكثرة والمداومة .
مثاله قوله تعالى ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ).
الأصل عود الضمير إلى أقرب مذكور ، ولهذا أخر الله تعالى المفعول الاول في قوله ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) ، ليعود الضمير إليه لقربه .
والأصل توافق الضمائر في المرجع حذرا من التشتيت.
كقوله تعالى ( أن اقذفيه في التابوت ، فاقذفيه في اليم ) أي موسى عليه السلام ، ومن قال الضمير الثاني للتابوت ، ضعفوه .
الجملة الفعلية تدل على التجدد ، والإسمية على الدوام و الثبوت.
مثال الفعلية : ( وجاؤوا أباهم عشاء يبكون ) ، والإسمية ( وكلبهم باسط ) .
صيغة التفضيل قد تطلق ويراد بها مطلق الإتصاف لا إلإشتراك بالفضل وزيادة في المفضل ، كقوله تعالى ( وأحسن مقيلا ) أي مقيلهم حسن ، وليس أنه أحسن من مقيل أهل النار .
كما قال حسان : فشركما لخيركم الفـداء.
وتقول العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادة .
الألف واللام الداخلية على الأوصاف ، وأسماء الأجناس تفيد الإستغراق، بحسب ما دلت عليه.
يدل القرآن على معانيه بدلالة المطابقة والتضمن والإلتزام.
حذف المتعلق المعمول فيه ، يفيد التعميم بحسب المقام.
مثاله قوله تعالى ( فإن أحصرتم ) حذف المتعلق ليعم كل حصر .
: حذف جواب الشرط في مقام الوعيد يقتضي تعظيم الأمر وشدته
مثاله : قوله تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ).
في القرآن أسماء إذا أطلقت دلت على معنى ، وإذا قرنت بغيرها دلت على بعض المعنى ، ودلت مع ما اقترنت به على بقية المعنى .
مثاله : الإيمان والعمل الصالح .
ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ، يدل على أن معاني الآية لها علاقة بالإسم.
فصل
في أسرار الترتيب في القرآن
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( قال سيبويه الواو لا تدل على الترتيب ، ولا التعقيب ، تقول صمت رمضان وشعبان ، وإن شئت شعبان ورمضان ، بخلاف الفاء ، وثم ، إلا أنهم يقدمون في كلامهم ما هم بـه أهم ، وهم ببيانه أعنى ، وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم ) هذا لفظه.
قال السهيلي : وهو كلام مجمل يحتاج إلى بسط ، وتبيين ، فيقال : متى يكون أحد الشيئين أحق بالتقدم ، ويكون المتكلم ببيانه أعنى؟
قال : والجواب أن هذا الأصل يجب الإعتناء بــه لعظم منفعته في كتاب الله ، وحديث رسوله ، إذ لا بد من الوقوف على الحكمة في تقديم ما قدم ، وتأخير ما أخر.
نحو : السميع والبصير ، والظلمات والنور ، والليل والنهار، والجن والإنس في الأكثر ، وفي بعضها الإنس والجن ، وتقديم السماء على الأرض في الذكر ، وتقديم الأرض عليها في بعض الآي، ونحو سميع عليم ، ولم يجيء عليم سميع ، وكذلك عزيز حكيم ، وغفور رحيم ، وفي موضع واحد الرحيم الغفور، إلى غير ذلك مما لا يكاد ينحصر .
وليس شيء من ذلك يخلو عن فائدة وحكمة ، لأنه كلام الحكيم الخبير ، وسنقدم بين يدي الخوض في هذا الغرض أصلا يقف بك على الطريق الأوضح ،
فنقول : إن تقديم الألفاظ في اللسان على حسب تقدم المعاني في الجنان .
تتقدم المعاني بأحد خمسة أشياء : إما بالزمان ، وإما بالطبع ، وإما بالرتبة ، وإما بالسبب ، وإما بالفضل والكمال.
فإذا سبق معنى من المعاني إلى الخفة والثقل بأحد هذه الأسباب الخمسة ، أو بأكثرها ، سبق اللفظ الدال على ذلك المعنى السابق ، وكان ترتب الألفاظ بحسب ذلك، نعم ، وربما كان ترتب الألفاظ بحسب الخفة والثقل ، لا بحسب المعنى ، كقولهم ربيعة ومضر ، وكان تقديم مضر أولى من جهة الفضل ، ولكن آثروا الخفة لأنك لو قدمت مضر في اللفظ كثرت الحركات ، وتوالت ، .
فلما أخرت وقف عليها بالسكون
قلت : ومن هذا النحو الجن والإنس ، فإن لفظ الإنس أخف لمكان النون الخفيفة ، والسين المهموسة ، فكان الأثقل أولى بأول الكلام من الأخف لنشاط المتكلم وجمامه ، وأما في القرآن فلحكمة أخرى سوى هذه قدم الجن على الإنس في الأكثر ،والأغلب ، وسنشير إليها في آخر الفصل إن شاء الله.
أما ما تقدم بتقدم الزمان فكعاد وثمود ، والظلمات والنور ، فإن الظلمة سابقة للنور في المحسوس والمعقول ، وتقدمها في المحسوس معلوم بالخبر المنقول ، وتقدم الظلمة المعقولة معلوم بضرورة العقل.
قال سبحانه : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) ، فالجهل ظلمة معقولة ، وهي متقدمة بالزمان على نور العلـم ، ولذلك قال تعالــى : ( في ظلمات ثلاث ) ، فهذه ثلاث محسوسات ظلمة الرحم ، وظلمة البطن ، وظلمة المشيمة ، وثلاث معقولات : وهي عدم الإدراكات الثلاثة المذكورة في الآية المتقدمة ، وفي الحديث إن الله خلق عباده في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره ،

ومن المتقدم بالطبع نحو ( مثنى ، وثلاث ، ورباع) ، ونحو : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ..الآية ) وما يتقدم من الأعداد بعضها على بعض ، إنما يتقدم بالطبع كتقدم الحيوان على الإنسان والجسم على الحيوان.
ومن هذا الباب تقدم العزيز على الحكيم، لأنه عز فلما عز حكم ، وربما كان هذا من تقدم السبب على المسبب ، ومثله كثير في القرآن نحو ( يحب التوابين ويحب المتطهرين ) لأن التوبة سبب الطهارة ، وكذلك : ( كل أفاك أثيم الشعراء )، لأن الإفك سبب الإثم ، وكذلــــك : ( كل معتد أثيم ) .
وأما تقدم هماز على مشاء بنميم ، فبالرتبة لأن المشي مرتب على القعود في المكان ، والهماز هو العياب ، وذلك لا يفتقر إلى حركة وانتقال من موضعه بخلاف النميمة.
وأما تقدم منّاع للخير على معتد ، فبالرتبة أيضا لأنّ المناع يمنع من نفسه ،والمعتدي يعتدي على غيره ونفسه قبل غيره.
ومن المقدم بالرتبة : ( يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ) ، لأن الذي يأتي راجلا يأتي من المكان القريب ، والذي يأتي على الضامر يأتي من المكان البعيد ، على أنه قد روي عن ابن عباس أنه قال : وددت أني حججت راجلا ، لأن الله قدم الرجالة على الركبان في القرآن الكريم ، فجعله ابن عباس من باب تقدم الفاضل على المفضول، والمعنيان موجودان.
وربما قدم الشيء لثلاثة معان ، وأربعة ، وخمسة ، وربما قدم لمعنى واحد من الخمسة ، ومما قدم للفضل ، والشرف ، ( فاغسلوا وجوهكم ، وأيديكم إلى المرافق ، وامسحوا برؤوسكم ، وأرجلكم) .
وقوله : ( النبيين والصديقين) ومنه تقديم السميع على البصير ، وسميع على بصير ،
ثم قال في بدائع الفوائد : ( وأما تقديم السماء على الأرض فبالرتبة أيضا ، وبالفضل والشرف ،
وأما تقديم الأرض في قوله : ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ) فبالرتبة أيضا لأنها منتظمة بذكر ما هي أقرب إليه ، وهم المخاطبون بقوله : ( ولا تعملون من عمل ) ، فاقتضى حسن النظم تقديمها مرتبة في الذكر مع المخاطبين الذين هم أهلها ، بخلاف الآية التي في سبأ ، فإنها منتظمة بقوله : ( عالم الغيب ) ،
وأما تقديمه المال على الولد في كثير من الآي فلأن الولد بعد وجود المال نعمة ومسرة ، وعند الفقر وسوء الحال هم ومضرة ، فهذا من باب تقديم السبب على المسبب ، لأن المال سبب تمام النعمة بالولد.
وأما قوله : ( حب الشهوات من النساء والبنين ) ، فتقديم النساء على البنين بالسبب، وتقدم الأموال على البنين بالرتبة ، ومما تقدم بالرتبة ذكر السمع والعلم ، حيث وقع فإنه خبر يتضمن التخويف والتهديد فبدأ بالسمع لتعلقه، بما قرب كالأصوات وهمس الحركات ، فإن من سمع حسك ، وخفى صوتك ، أقرب إليك في العادة ، ممن يقال لك أنه يعلم ، وإن كان علمه تعالى متعلقا بما ظهر ، وبطن ، وواقعا على ما قرب ، وشطن ، ولكن ذكر السميع أوقع في باب التخويف من ذكر العليم فهو أولى بالتقديم.
وأما تقديم الغفور على الرحيم ، فهو أولى بالطبع لأن المغفرة سلامة ، والرحمة غنيمة ، والسلامة تطلب قبل الغنيمة ، وفي الحديث أن النبي قال لعمرو بن العاص : ( أبعثك وجها يسلمك الله فيه ويغنمك وأرغب لك رغبة من المال ) ، فهذا من الترتيب البديع بدأ بالسلامة قبل الغنيمة وبالغنيمة قبل الكسب.
وأما قوله : ( وهو الرحيم الغفور ) في سبأ ، فالرحمة هناك متقدمة على المغفرة ، فإما بالفضل والكمال ، وإما بالطبع لأنها منتظمة بذكر أصناف الخلق من المكلفين ، وغيرهم من الحيوان ، فالرحمة تشملهم ، والمغفرة تخصهم، والعموم بالطبع قبل الخصوص ، كقوله : ( فاكهة ونخل ورمان ) ، وكقوله : ( وملائكته ورسله وجبريل وميكال) ،
ومما قدم بالفضل قوله Sadواسجدي واركعي مع الراكعين ) لأن السجود أفضل وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
فإن قيل : فالركوع قبله بالطبع والزمان ، والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض ، والعلو بالطبع قبل الإنخفاض فهلا قدم الركوع.
الجواب أن يقال : انتبه لمعنى الآية من قوله اركعي مع الراكعين ، ولم يقل اسجدي مع الساجدين، فإنما عبر بالسجود عن الصلاة ، وأراد صلاتها في بيتها ، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها مع قومها ، ثم قال لها اركعي مع الراكعين ، أي صلي مع المصلين في بيت المقدس ، ولم يرد أيضا الركوع وحده دون أجزاء الصلاة ، ولكنه عبر بالركوع عن الصلاة ،كما تقول ركعت ركعتين وأربع ركعات يريد الصلاة ، لا الركوع بمجرده ، فصارت الآية متضمنة لصلاتين صلاتها وحدها عبر عنها بالسجود ، لأن السجود أفضل حالات العبد ، وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها ، ثم صلاتها في المسجد عبر عنها بالركوع ، لأنه في الفضل دون السجود ، وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها وحدها في بيتها ، ومحرابها ، وهذا نظم بديع وفقه دقيق وهذه نبذ تسير بك إلى ما وراءها ترشدك وأنت صحيح .
فصل
فائدة في الجمع والإفراد في القرآن
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق الباطل ، والنور بمنزلة طريق الحق فقد أفرد النور ، وجمعت الظلمات ، وعلى هذا جاء قوله : ( والله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات )
فوحد ولي الذين آمنوا ، وهو الله الواحد الأحد ، وجمع أولياء الذين كفروا لتعددهم ، وكثرتهم ، وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغي ، لكثرتها واختلافها ، ووحد النور وهو دينه الحق وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه سواه.
ولما كانت اليمين جهة الخير والفلاح ، وأهلها هم الناجون أفردت ، ولما كانت الشمال جهة أهل الباطل وهم أصحاب الشمال جمعت في قوله عن اليمين والشمائل.
فإن قيل : فهلا كذلك في قوله : ( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ) وما بالها جاءت مفردة ، قيل : جاءت مفردة لأن المراد أهل هذه الجهة ، ومصيرهم ومآلهم إلى جهة واحدة ، وهي جهة الشمال ، مستقر أهل النار ، والنار من جهة الشمال ، فلا يحسن مجيئها مجموعة لأن الطرق الباطلة وإن تعددت فغايتها المرد إلى طريق الجحيم ، وهي جهة الشمال ،وكذلك مجيئها مفردة في قوله : ( عن اليمين وعن الشمال ) ، لما كان المراد أن لكل عبد قعيدين ، قعيدا عن يمينه ، وقعيدا عن شماله يحصيان عليه الخير ، والشر ، فلكل عبد من يختص بيمينه ، وشماله من الحفظة فلا معنى للجمع ههنا .
وهذا بخلاف قوله تعالى حكاية عن إبليس : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) ،فإن الجمع هنا في مقابلة كثرة من يريد إغواءهم ، فكأنه أقسم أن يأتي كل واحد ، من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، ولا يحسن هنا عن يمينهم ، وعن شمالهم ، بل الجمع ههنا من مقابلة الجملة بالجملة المقتضى توزيع الأفراد ، ونظيره : ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) ،
فصل
في أن أكثر الفاظ القرآن الدالة على معنيين فصاعدا هي من قبيل
استعمال اللفظ في حقيقته الواحدة المتضمنة لهما ، لا من قبيل المشترك ولا استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( قوله تعالى : ( إذا سألك عبادى عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) يتناول نوعي الدعاء ـ يعني دعاء العبادة ، ودعاء المسألة ، وبكل منهما فسرت الآية ، قيل : أعطيه إذا سألني ، وقيل أثيبه إذا عبدني ، والقولان متلازمان ، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما أو استعمال اللفظ في حقيقة ومجازه ، بل هذا استعمال له في حقيقته الواحدة المتضمنة للأمرين جميعا ، فتأمله فإنه موضع عظيم النفع ، قل من يفطن له .
وأكثر ألفاظ القرآن الدالة على معنيين فصاعدا ، هي من هذا القبيل ، ومثال ذلك قوله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) ، فسر بالزوال ، وفسر الدلوك بالغروب ، وحكيا قولين في كتب التفسير ، وليسا بقولين بل اللفظ يتناولهما معا ، فإن الدلوك هو الميل ، ودلوك الشمس ميلها ، ولهذا الميل مبدأ ، ومنتهى ، فمبدأه الزوال ، ومنتهاه الغروب ، فاللفظ متناول لهما بهذا الاعتبار ، لا يتناول المشترك لمعنييه ، ولا اللفظ لحقيقته ومجازه.
ومثاله أيضا ما تقدم من تفسير الغاسق بالليل والقمر ، وإن ذلك ليس باختلاف بل يتناولهما لتلازمهما فإن القمر آية الليل ، ونظائره كثيرة.
ومن ذلك قوله عز وجل : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) ، قيل لولا دعاؤكم إياه ، وقيل دعاؤه إياكم إلى عبادته ، فيكون المصدر مضافا إلى المفعول ، وعلى الأول مضافا إلى الفاعل ، وهو الأرجح من القولين ، وعلى هذا فالمراد به نوعا الدعاء ، وهو في دعاء العبادة أظهر أي ما يعبأ بكم ربي لولا أنكم تعبدونه ، وعبادته تستلزم مسألته فالنوعان داخلان فيه )
فصل في نفي التساوى في القرآن الكريم
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( نفي التساوي في كتاب الله تعالى قد يأتي بين الفعلين ، كقوله تعالى : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، كمن آمن بالله ) وقد يأتي بين الفاعلين ، نحو : ( لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) وقد يأتي بين الجزئين ، كقوله : ( لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة ) وقد جمع الله بين الثلاثة في آية واحدة ، وهي قوله تعالى : ( وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوى الأحياء ولا الأموات ) ، فالأعمى والبصير الجاهل والعالم ، والظلمات والنور الكفر والإيمان ، والظل والحرور الجنة والنار ، الأحياء والأموات والمؤمنين والكفار )
فصل في فوائد ضـرب الأمثال في القرآن
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور، التذكير ،والوعظ والحث ، والزجر ، والاعتبار ، والتقرير ، وتقريب المراد للعقل ، وتصويره في صورة المحسوس، بحيث يكون نسبته للعقل كنسبة المحسوس إلى الحس.
وقد تأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر على المدح والذم ، وعلى الثواب والعقاب ، وعلي تفخيم الأمر أو تحقيره ، وعلى تحقيق أمر وإبطال أمر، والله أعلم )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://riadussaleheen.yoo7.com
أبو حكيم
Admin



عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 27/08/2010

الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة Empty
مُساهمةموضوع: تابع ــ الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة   الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة Emptyالأحد يناير 23, 2011 4:55 am

تابع ــ الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة
فصل في فوائد إرشادات السياق في القرآن
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( السياق يرشد إلى تبيين المجمل ، وتعيين المحتمل ، والقطع بعدم احتمال غير المراد ، وتخصيص العام ، وتقييد المطلق ، وتنوع الدلالة ، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظره ، وغالط في مناظرته ، فانظر إلى قوله تعالــى : ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) ، كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير)
فصل في فائدة إخبار القرآن عن المحسوس
قال في بدائع الفوائد : ( إخبار الرب تبارك وتعالى عن المحسوس الواقع له عدة فوائد :
منها أن يكون توطئة وتقدمه لإبطال ما بعده.
منها أن يكون موعظة وتذكير.
ومنها أن يكون شاهدا على ما أخبر به من توحيده ، وصدق رسوله ، وإحياء الموتى.
ومنها أن يذكر في معرض الامتنان.
ومنها أن يذكر في معرض اللوم والتوبيخ.
ومنها أن يذكر في معرض المدح والذم.
ومنها أن يذكر في معرض الإخبار عن إطلاع الرب عليه وغير ذلك من الفوائد)
فصل أسرار المناظرة من القرآن الكريم
قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ( وإذا تأملت القرآن وتدبرته ، وأعرته فكرا وافيا ، اطلعت فيه من أسرار المناظرات ، وتقرير الحجج الصحيحة ، وإبطال الشبه الفاسدة ، وذكر النقض والفرق ، والمعارضة ، والمنع ، على ما يشفي ، ويكفي لمن بصره الله ، وأنعم عليه بفهم كتابه،
فمن ذلك قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ) ، فهذه مناظرة جرت بين المؤمنين والمنافقين فقال لهم المؤمنون لا تفسدوا في الأرض، فأجابهم المنافقون بقولهم : إنما نحن مصلحون ، فكأن المناظرة انقطعت بين الفريقين ، ومنع المنافقون ما ادعى عليهم أهل الإيمان من كونهم مفسدين ، وأن ما نسبوهم إليه إنما هو صلاح لا فساد ، فحكم العزيز الحكيم بين الفريقين بأن سجل على المنافقين أربع إسجالات
أحدها تكذيبهم
والثاني الإخبار بأنهم مفسدون
والثالث حصر الفساد فيهم بقوله : ( هم المفسدون)
والرابع وصفهم بغاية الجهل
وهو أنه لا شعور لهم البتة بكونهم مفسدين.
وتأمل كيف نفى الشعور عنهم في هذا الموضع ، ثم نفى العلم في قولهم : ( أنؤمن كما آمن السفهاء ) فقال : ( ألا أنهم هم السفهاء ، ولكن لا يعلمون ) فنفى علمهم بسفههم ، وشعورهم بفسادهم ، وهذا أبلغ ما يكون من الذم ، والتجهيل أن يكون الرجل مفسدا، ولا شعور له بفساده البتة ، مع أن أثر فساده مشهور في الخارج ، مرئي لعباد الله وهو لا يشعر به ، وهذا يدل على استحكام الفساد في مداركه وطرق علمه.
وكذلك كونه سفيها ، والسفه غاية الجهل وهو مركب من عدم العلم ، بما يصلح معاشه ، ومعاده ، وإرادته بخلافه ، فإذا كان بهذه المنزلة ، وهو لا يعلم بحاله ، كان من أشقى النوع الإنساني ، فنفي العلم عنه بالسفه الذي هو فيه متضمن لإثبات جهله ، ونفى الشعور عنه بالفساد الواقع منه متضمن لفساد آلات إدراكه .
فتضمنت الآيتان الإسجال عليهم بالجهل ، وفساد آلات الإدراك ، بحيث يعتقدون الفساد صلاحا والشر خيرا.
وكذلك المناظرة الثانية معهم أيضا ، فإن المؤمنين قالوا لهم : ( آمنوا كما آمن الناس) فأجابهم المنافقون بقولهم : ( أنؤمن كما آمن السفهاء ) وتقرير المناظرة من الجانبين أن المؤمنين دعوهم إلى الإيمان الصادر من العقلاء بالله ، ورسوله ، وأن العاقل يتعين عليه الدخول فيما دخل فيه العقلاء الناصحون لأنفسهم ، ولا سيما إذا قامت أدلته وصحت شواهده ، فأجابهم المنافقون بما مضمونه أنا إنما يجب علينا موافقة العقلاء ، وأما السفهاء الذي لا عقل لهم ، يميزون به بين النافع ، والضار ، فلا يجب علينا موافقتهم ، فرد الله تعالى عليهم ، وحكم للمؤمنين
وأسجل على المنافقين بأربعة أنواع ، احدها تسفيههم ، الثاني حصر السفه فيهم ، الثالث نفي العلم عنهم ، الرابع تكذيبهم فيما تضمنه جوابهم من دعواهم التنزيه من السفه.
فصل في أنواع خطـاب القرآن
قال في الإتقان : ( قال ابن الجوزي في كتابه النفيس الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجها
وقال غيره على أكثر من ثلاثين وجها :
أحدها : خطاب العام والمراد به العموم كقوله الله ( الذي خلقكم).
والثاني : خطاب الخاص ، والمراد به الخصوص، كقوله : ( أكفرتم بعد إيمانكم ) ، ( يأيها الرسول بلغ ).
الثالث : خطاب العام ، والمراد به الخصوص ، كقوله : ( يأيها الناس اتقوا ربكم ) لم يدخل فيه الأطفال والمجانين.
الرابع : خطاب الخاص ، والمراد العموم ، كقوله : ( يأيها النبي إذا طلقتم النساء ) ، افتتح الخطاب بالنبي ، والمراد سائر من يملك الطلاق ، وقوله : ( يأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك . . الآية ) قال أبو بكر الصيرفي كان إبتداء الخطاب له ، فلما قال في الموهوبة خالصة لك علم أن ما قبلها له ، ولغيره.
الخامس : خطاب الجنس ، كقولهSad يأيها النبي ) .
السادس : خطاب النوع ، نحو : ( يا بني إسرائيل) .
السابع : خطاب العين نحو : ( وقلنا يا آدم اسكن ) ( يا نوح أهبط ).
(يا إبراهيم قد صدقت ) ( يا موسى لا تخف ) ( يا عيسى إني متوفيك) .
ولم يقع في القرآن الخطاب بيا محمد ، بل يأيها النبي ، يأيها الرسول ، تعظيما له ، وتشريفا وتخصيصا بذلك عما سواه ، وتعليما للمؤمنين ألا ينادوه باسمه.
الثامن : خطاب المدح ، نحو : ( يأيها الذين آمنوا ) .. ولهذا وقع خطابا لأهل المدينة ، ( والذين آمنوا وهاجروا).
أخرج ابن أبي حاتم عن خيثمة ما تقرءون في القرآن يأيها الذين آمنوا فإنه في التوراة يأيها المساكين.
وأخرج البيهقي ، وأبو عبيد ، وغيرهما ، عن ابن مسعود قال : إذا سمعت الله ( يقول يأيها الذين آمنوا ) فأوعها سمعك ، فإنه خير يأمر به ، أو شر ينهى عنه.
التاسع : خطاب الذم ، نحو ( يأيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم ) ، ( قل يأيها الكافرون) ولتضمنه الإهانة لم يقع في القرآن في غير هذين الموضعين ، وأكثر الخطاب بياأيها الذين آمنوا على المواجهة ، وفي جانب الكفار جيء بلفظ الغيبة إعراضا عنهم ، كقوله ( إن الذين كفــــروا ) ، ( قل للذين كفروا) .
العاشر : خطاب الكرامة ، كقوله يأيها النبي ، يأيها الرسول ، قال بعضهم ونجد الخطاب بالنبي في محل لا يليق به الرسول ، وكذا عكسه ، كقوله في الأمر بالتشريع العام : ( يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) وفي مقام الخاص : ( يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) قال وقد يعبر بالنبي في مقام التشريع العام ، لكن مع قرينة إرادة العموم ، كقوله ( يأيها النبي إذا طلقتم ) ، ولم يقل طلقت.
الحادي عشر : خطاب الإهانة نحو ( فإنك رجيم ) ( اخسئوا فيها ولا تكلمون) .
ثاني عشر : خطاب التهكم نحو ( ذق إنك أنت العزيز الكريم)
الثالث عشر : خطاب الجمع بلفظ الواحد ، نحو( يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم).
الرابع عشر : خطاب الواحد بلفظ الجمع ، نحو ( يأيها الرسل كلوا من الطيبات) . . إلى قوله ( فذرهم في غمرتهم ) فهو خطاب له وحده ، إذ لا نبي معه ولا بعده.
وكذا قوله وإن عاقبتم فعاقبوا . . الآية خطاب له وحده بدليل قوله ( واصبر وما صبرك إلا بالله) . . الآية وكذا قوله ( فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا ) بدليل قوله ( قل فأتوا ) وجعل منه بعضهم ( قال رب ارجعون ) أي ارجعني ، وقيل رب خطاب له تعالى ، و ارجعون للملائكة
وقال السهيلي هو قول من حضرته الشياطين ، وزبانية العذاب فاختلط ، فلا يدري ما يقول من الشطط ، وقد إعتاد أمرا يقوله في الحياة من رد الأمر إلى المخلوقين.
الخامس عشر : خطاب الواحد بلفظ الإثنين نحو ألقيا في جهنم ، والخطاب لمالك خازن النار، وقيل لخزنه النار والزبانية ، فيكون من خطاب الجمع بلفظ الإثنين ، وقيل للملكين الموكلين في قوله ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) فيكون على الأصل.
وجعل المهدوي من هذا النوع ( قال قد أجيبت دعوتكما).
قال الخطاب لموسى وحده لأنه الداعي ، وقيل لهما ، لأن هارون أمن على دعائه والمؤمن أحد الداعيين.
السادس عشر : خطاب الإثنين بلفظ الواحد ، كقوله : ( فمن ربكما يا موسى ) أي وياهرون وفيه وجهان :
أحدهما أنه أفرده بالنداء لإدلاله عليه بالتربية.
والآخر لأنه صاحب الرسالة والآيات وهارون تبع له ذكره ابن عطية.
ذكر في الكشاف آخر وهو أن هارون لما كان أفصح من موسى ، نكب فرعون عن خطابه حذرا من لسانه.
ومثله : ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) ، قال ابن عطية : أفرده بالشقاء لأنه المخاطب أولا، والمقصود في الكلام ، وقيل لأنه الله جعل الشقاء في معيشة الدنيا في جانب الرجال ، وقيل إغضاء عن ذكر المرأة كما قيل من الكرم ستر الحرم.
السابع عشر : خطاب الإثنين لفظ الجمع ، كقوله : ( أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة) .
الثامن عشر : خطاب الجمع بلفظ الاثنين كما تقدم في ( ألقيا)
التاسع عشر خطاب الجمع بعد الواحد ، كقوله : ( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل ) ، قال ابن الأنباري جمع في الفعل الثالث ليدل على أن الأمة داخلون مع النبي، ومثله ( يأيها النبي إذا طلقتم النساء) .
العشرون : عكسه نحو ( وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين) .
الحادي والعشرون : خطاب الإثنين بعد الواحد ، نحو ( أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض) .
الثاني والعشرون : عكسه نحو ( فمن ربكما يا موسى) .
الثالث والعشرون : خطاب العين ، والمراد به الغير ، نحو ( يأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين) الخطاب له والمراد أمته ، لأنه كان تقيا وحاشاه من طاعة الكفار ، ومنه : ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب . . الآية ) حاشاه من الشك ، وإنما المراد بالخطاب التعريض بالكفار.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال لم يشك ولم يسأل.
ومثله ، ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا . . الآية ) ( فلا تكونن من الجاهلين ) وأنحاء ذلك.
الرابع والعشرون : خطاب الغير ، والمراد به العين ، نحو ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم) .
الخامس والعشرون : الخطاب العام الذي لم يقصد به مخاطب معين ، نحو ( ألم تر أن الله يسجد له ) ، ( ولو ترى إذ وقفوا على النار ) ، ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم ) لم يقصد بذلك خطاب معين ، بل كل أحد ، وأخرج في صورة الخطاب لقصد العموم ، يريد أن حالهم تناهت في الظهور بحيث لا يختص بها راء دون راء ، بل كل من أمكن منه الرؤية داخل في ذلك الخطاب.
السادس والعشرون : خطاب الشخص ثم العدول إلى غيره ، نحو : ( فإن لم يستجيبوا لكم) خوطب به النبي ، ثم قال للكفار: ( فاعلموا أنما أنزل بعلم الله ) ، بدليل : ( فهل أنتم مسلمون) ومنه ( إنا أرسلناك شاهدا . . إلى قوله لتؤمنوا ) فيمن قرأ بالفوقية.
السابع والعشرون خطاب التلوين وهو الإلتفات.
الثامن والعشرون : خطاب الجمادات ، خطاب من يعقل ، نحو : ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها) .
التاسع والعشرون : خطاب التهييج ، نحو ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) .
الثلاثون : خطاب التحنن ، والإستعطاف ، نحو ( يا عبادي الذين أسرفوا) .
الحادي والثلاثون : خطاب التحبب ، نحو ( يا أبت لم تعبد ) ( يا بني إنها إن تك ) ( يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ) .
الثاني والثلاثون : خطاب التعجيز ، نحو ( فاتوا بسورة) .
الثالث والثلاثون : خطاب التشريف ، وهو كل ما في القرآن مخاطبة بقل ، فإنه تشريف منه تعالى لهذه الأمة ، بأن يخاطبها بغير واسطة لتفوز بشرف المخاطبة.
الرابع والثلاثون : خطاب المعدوم ، ويصح ذلك تبعا لموجود ، نحو : ( يا بني آدم ) فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان ، ولكل من بعدهم.
قال ابن القيم : ( تأمل خطاب القرآن ، تجد ملكا له الملك كله ، وله الحمد كله ، أزمة الأمور كلها بيده ، ومصدرها منه ، ومردها إليه ، مستويا على العرش ، لا تخفى عليه خافية من أقطار مملكته ، عالما بما في نفوس عبيده ، مطلعا على أسرارهم ، وعلانيتهم ، منفردا بتدبير المملكة، يسمع ويرى ، ويعطي ويمنع ، ويثيب ويعاقب ، ويكرم ويهين ، ويخلق ويرزق ، ويميت ويحيي ، ويقدر ويقضي ، ويدبر الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها ، وصاعدة إليه ، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه.
فتأمل كيف تجده يثنى على نفسه ، ويمجد نفسه ، ويحمد نفسه ، وينصح عباده ، ويدلهم على ما فيه سعادتهم ، وفلاحهم ، ويرغبهم فيه ، ويحذرهم مما فيه هلاكهم ، ويتعرف إليهم بأسمائه، وصفاته ، ويتحبب إليهم بنعمه ، وآلائه ، يذكرهم بنعمه عليهم ، ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها ، ويحذرهم من نقمه ،
ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه ، وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه ، ويخبرهم بصنعه في أوليائه ، وأعدائه ، وكيف كانت عاقبة هؤلاء وهؤلاء ، ويثنى على أوليائه بصالح أعمالهم ، وأحسن أوصافهم ، ويذم أعداءه بسيء أعمالهم ، وقبيح صفاتهم ، ويضرب الأمثال وينوع الأدلة والبراهين .
ويجيب على شبه أعداءه بأحسن الأجوبة ، أحسن الأجوبة ، ويصدق الصادق ، ويكذب الكاذب ، ويقول الحق ، ويهدي السبيل ، ويدعو إلى دار السلام ، ويذكر أوصافها ، وحسنها ونعيمها ، ويحذر من دار البوار ، ويذكر عذابها ، وقبحها ، وآلامها .
ويذكر عباده فقرهم إليه ، وشدة حاجتهم إليه من كل وجه ، وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين ، ويذكرهم غناه عنهم ، وعن جميع الموجودات ، وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه ، وكل ما سواه فقير إليه ، وأنه لن ينال أحد ذرة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته ، ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته ،
وتشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب ، وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم، وغافر زلاتهم، ومقيم أعذارهم ، ومصلح فسادهم ، والدافع عنهم ، والحامي عنهم ، والناصر لهم ، والكفيل بمصالحهم ، والمنجي لهم من كل كرب ، والموفي لهم بوعده، وأنه وليهم الذي لا ولي لهم سواه ، فهو مولاهم الحق ونصيرهم على عدوهم ، فنعم المولى ونعم النصير.
فصل فيما حذف في القرآن
قال السيوطي في الإتقان : ذكرُ أسبابـه
منها مجرد الاختصار ، والاحتراز عن العبث، لظهوره.
ومنها التنبيه على أن الزمان يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف ، وأن الاشتغال بذكره ، يفضي إلى تفويت المهم ، وهذه هي فائدة باب التحذير والإغراء ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : ( ناقة الله وسقياها ) ، فناقة الله تحذير بتقدير ذروا ، و سقياها إغراء بتقدير الزموا.
. ومنها التفخيم ، والإعظام لما فيه من الإبهام ، قال حازم في منهاج البلغاء : إنما يحسن الحذف لقوة الدلالة عليه ، أو يقصد به تعديد أشياء ، فيكون في تعدادها طول وسآمة فيحذف ، ويكتفي بدلالة الحال ، وتترك النفس تجول في الأشياء المكتفي بالحال عن ذكرها ، قال : ولهذا القصد يؤثر في المواضع التي يراد بها التعجب ،والتهويل على النفوس.
ومنه قوله في وصف أهل الجنة : ( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ) فحذف الجواب إذ كان وصف ما يجدونه ، ويلقونه عند ذلك لا يتناهى ، فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه ، وتركت النفوس تقدر ما شاءته ، ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك.
وكذا قوله : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار) أي لرأيت أمرا فظيعا لا تكاد تحيط به العبارة.
ومنها التخفيف لكثرة دورانه في الكلام ، كما في حذف حرف النداء ، نحو : ( يوسف أعرض) ونون ( لم يك ) والجمع السالم ، ومنه قراءة ( والمقيمي الصلاة ) وياء ( والليل إذا يسر).
وسأل المؤرج السدوسي الأخفش ، عن هذه الآية ، فقال : عادة العرب أنها إذا عدلت بالشيء عن معناه نقصت حروفه ، والليل لما كان لا يسرى ، وإنما يسرى فيه ، نقص منه حرف ، كما قال تعالى : ( وما كانت أمك بغيا ) الأصل بغية ، فلما حول عن فاعل نقص منه حرف.
ومنها : كونه لا يصلح إلاّ له نحو ( عالم الغيب والشهادة ) ، ( فعال لما يريد).
ومنها : شهرته حتى يكون ذكره وعدمه سواء ، قال الزمخشري : وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها أنطق من لسان المقال ، وحمل عليه قراءة حمزة : ( تساءلون به والأرحام ) لأن هذا مكان شهر بتكرر الجار، فقامت الشهرة مقام الذكر.
ومنها : صيانته عن ذكره تشريفا ، كقوله تعالى : ( قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات . . الآيات ) حذف فيها المبتدأ ، في ثلاثة مواضع ، قبل ذكر الرب ، أي هو رب، الله ربكم، الله رب المشرق ، لأن موسى استعظم حال فرعون، وإقدامه على السؤال ، فأضمر اسم الله تعظيما ، وتفخيما ، ومثله في عروس الأفراح ، بقوله تعالى : ( رب أرني أنظر إليك أي ذاتك ) ،
ومنها : صيانة اللسان عنه تحقيرا له نحو ( صم بكم ) أي هم ، أو المنافقون.

ومنها قصد العموم نحو ( وإياك نستعين ) أي على العبادة ، وعلى أمورنا كلها ، ( والله يدعو إلى دار السلام ) أي كل واحد.
ومنها رعاية الفاصلة ، نحو ( ما ودعك ربك وما قلى ) أي وما قلاك.
ومنها : قصد البيان بعد الإبهام ، كما في فعل المشيئة ، نحو : ( ولو شاء لهداكم) أي ولو شاء هدايتكم ، فإنه إذا سمع السامع ، ولو شاء تعلقت نفسه بم شاء انبّهم عليه لا يدري ما هو ، فلما ذكر الجواب ، استبان بعد ذلك .
وأكثر ما يقع ذلك بعد أداة شرط ، لأن مفعول المشيئة مذكور في جوابها ، وقد يكون مع غيرها استدلالا بغير الجواب ، نحو : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)
وقد ذكر أهل البيان أن مفعول المشيئة والإرادة ، لا يذكر إلا إذا كان غريبا ، أو عظيما ، نحو ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) ، ( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) وإنما اطرد أو كثر حذف مفعول المشيئة ، دون سائر الأفعال ، لأنه يلزم من وجود المشيئة ، وجود المشاء فالمشيئة المستلزمة لمضمون الجواب ، لا يمكن أن تكون إلا مشيئة الجواب ، ولذلك كانت الإرادة مثلها في اطراد حذف مفعولها ،
ذكره الزملكاني ، والتنوخي في الأقصى القريب ، قالوا : وإذا حذف بعد لو ، فهو المذكور في جوابها أبدا ،
وأورد في عروس الأفراح ، قالوا : ( لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ) فإن المعنى لو شاء ربنا إرسال الرسل ، لأنزل ملائكة ، لأن المعنى معين على ذلك
فصل
التكرار في القرآن لـه فوائد
قال السيوطي في الإتقان :
منها : التقرير ، وقد قيل الكلام إذا تكرر تقرر ، ( وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون ، أو يحدث لهم ذكرا) .
منها : التأكيـد.
منها : التنبه على ما ينفي التهمة ليكمل الكلام بالقبول ، ومنه تكرار ( يا ) في قصة مؤمن آل فرعون .
منها : إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول ، أعيد ثانية ، تطرية له ، وتجديدا لعهده ، ( إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحــوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ).
منها التعظيم والتهويل : الحاقة ما الحاقة .
منها : تعدد المتعلق ، بأن يكون المكرر ثانيا متعلقا بغير ما تعلق به الأول ، وهذا القسـم يسمى بالترديد ، كقوله تعالى( الله نور السموات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنه كوكب دري ) ومنه قوله تعالى ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) فإنها وإن تكررت نيفا وثلاثين مرة ، فكل واحدة تتعلق بما قبلها ، ولهذا زادت على ثلاثة ، ولو كان الجميع عائدا إلى شيء واحد ، لما زاد على ثلاثة ، لان التأكيد لايزيد عليها.
فصــل
قال السيوطي في الإتقان : أخرج السلفي في المختار من الطيوريات ، عن الشعبي قال : لقي عمر بن الخطاب ركبا في سفر فيهم ابن مسعود ، فأمر رجلا يناديهم من أين القوم ، قالوا أقبلنا من الفج العميق ، نريد البيت العتيق ، فقال عمر إن فيهم لعالما : وأمر رجلا أن يناديهم أي القرآن أعظم ، فأجابه عبد الله : الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، قال : نادهم أي القرآن أحكم، فقال ابن مسعود : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، قال نادهم أي القرآن أجمع ، فقال : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، فقال نادهم أي القرآن أحزن ، فقال : من يعمل سوءا يجز به ، فقال نادهم أي القرآن أرجى، فقال قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم . . الآية، فقال أفيكم ابن مسعود قالوا نعم.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره بنحوه.
وأخرج عبد الرزاق أيضا عن ابن مسعود قال : أعدل آية في القرآن إن الله يأمر بالعدل والإحسان ، وأحكم آية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إلى اخرها.
وأخرج الحاكم عنه قال : إن أجمع آية في القرآن للخير والشر إن الله يأمر بالعدل والإحسان
، وأخرج الطبراني عنه قال ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم . . الآية ) وما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النساء القصرى ـ أي سورة الطلاق ـ ومن يتوكل على الله فهو حسبه . . الآية .
وأخرج أبو ذر الهروي في فضائل القرآن من طريق يحيى بن يعمر عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله يقول : إن أعظم آية في القرآن الله لا إله إلا هو الحي القيوم . . وأعدل آية في القرآن إن الله يأمر بالعدل والإحسان . . إلى آخرها ، وأخوف أية في القرآن فمن يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، وأرجى آية في القرآن قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله . . إلى آخرها. أ.هـت
انتهت الخلاصــة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://riadussaleheen.yoo7.com
 
الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التفسير بالرأي : مفهومه.. حكمه.. أنواعه
» القواعد النافعة في أسماء الله الحسنى لفضيلة الشيخ عثمان بن محمد الخميس
» مقدمة في قواعد التفسير
» التفسير بالمأثور : نقد للمصطلح وتأصيل
» أثرالحديث الضعيف والوضوع فى التفسير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى رياض الصالحين :: منتدى القرآن الكريم-
انتقل الى: